قصة نجاح

المرحوم ملا أحمد بن عبدالله المرشود

من الخطباء الذين منحهم الله مواهب عدة عوضهم بها عن بصره، فقد بصره وهو لازال طفلا صغيرا وخاض معركة الحياة بكل عزيمة وإرادة وجمع بين الخطابة وإتقان بعض المهن مع ما يتحلى به من أخلاق وطيب نفس وكرم وإيمان وثبات على الحق وسعة صدر في هذه الدنيا التي طبعت على كدر ومحاطة بالمخاطر والمصائب.

إنه ذلك الأب العزيز والخطيب الموفق المرحوم الحاج ملا أحمد بن عبدالله المرشود وتحدث عنه الاخ الحاج إبراهيم بن علي عبد النبي نقلا عن أحد أقاربه وهو الحاج أحمد إبراهيم المرشود حفظه الله ومضمون ما قاله إنه ومنذ نعومة أظفاره كان مولعا بحفظ الأطوار الحسينية فلما أحس منه والده رحمه الله بشوقه للقراءة أخذ بيده يوما ما وشجعه على صعود المنبر كما أن المرحومة والدته المؤمنة الملاية شجعته على القراءة والحفظ وممارسة الخطابة فهي من خَدمة الحسين عليه السلام وقد ساهمت رحمها الله في تعميق مودة أهل البيت في نفوس النساء المؤمنات وإحياء مناسبات المعصومين عليهم السلام.

وقد كانت له قدرة عجيبة في ممارسة بعض الأعمال وقال عنه ابن عمه الأخ الغالي الحاج عبد الله بن سعود المرشود أبو أسعد في رسالة منه إلي قال سلام الله عليكم وتقبل الله أعمالكم الاسم أحمد عبدالله محمد المرشود اسم والدته مريم علي عطية كانت ملاية ومعلمة للقرآن الكريم ولد الملا في عام ١٣٤٧هجرية وتوفي عام ١٤٢٦هجرية فقد بصره بسبب الجذري في عمر عشر سنوات تقريبا، تعلم القراءة بسبب قوة الحفظ لديه فهو يمتلك حافظة وذاكرة قوية في عام( ١٣٨٨) هجرية ذهبت معه إلى الأحساء وأنا في الصف الخامس الإبتدائي ونقل لي أسماء مايزيد عن خمسين إسما من أصحاب المآتم في الأحساء الاسم الرباعي والقرية كتبتهم في دفتر حتى يتم السؤال عنهم عند وصولنا إلى كل قرية.

وقد دخل معهد النور بالقطيف وحصل على ترتيب ممتاز وتخرج مدرسا في المعهد لكنه لم يدرس سوى سنة تقريبا وقبل دخوله المعهد كان لديه مهنة تنجيد الكتب وأذكر أنه نجَّد تقريبا مئات من كتاب سداد العباد للفقيه المقدس الشيخ حسين العصفور حيث كنت أنقلهم في عربة كل أسبوع إلى بيت المرحوم الحاج عبدالله بن جاسم آل شهاب وكذلك إلى بيت المرحوم سماحة الشيخ عبدالمجيد نجل المقدس الشيخ علي بن المقدس الشيخ جعفر أبي المكارم رحمهم الله جميعا.

وأذكر أنه لما كنا في إحدى قرى الأحساء وهي قرية بني معن طُلب منه قراءة مصرع علي الأكبر عليه السلام في ظهر يوم الجمعة فَطَلب مني فتح كتاب وصرت أتصفحه إلى أن وصلنا إلى قصيدة في علي الأكبر وهي يَهْل الخيم جاكم علي قوموا له قرأتها عليه مرتين أو ثلاثا وإذا به يحفظها عن ظهر قلب وقرأها لطمية بعد المصرع.

كما أن عنده حُب معرفة كل شي ويصبر حتى يحقق غرضه فأحيانا يُصلح بعض الليتات المصابيح الكهربائية ويغير في الأسلاك ويعمل توصيلات لأسلاك الميكروفون والتيلفون وإصلاح السيفونات بالحمامات أجلكم الله وأتقن عملية النسيج وهذه تعلمها بالمعهد وأثناء بناء بيتهم كان طول الليل يتحسس الأسلاك ويقول بأن هذا المفتاح ينقصه واير سلك اقراند مثلا ولاننسى أنه كان يقوم بخرف الرطب جني الرطب. ونقل أنه كان يصنع الترب الحسينية أيضا.

ولقد تتلمذ رحمه الله على يد كوكبة مباركة من خطباء سيهات المحروسة وهم ١-الخطيب المرحوم ملا علي بن سالم ٢-والخطيب المرحوم السيد مرتضى السيد شبر الموسوي السيهاتي ٣-والخطيب المرحوم ملا عبد المحسن بن نصر ، ٤-وعميد المنبر الحسيني الشيخ أحمد منصور خميس حفظه الله, كما كان رحمه الله ملازما للخطيب المرحوم ملا محسن بن علي بن صالح المعلم ولقد كانت له عوايد بمعنى قراءات أسبوعية في سيهات.

ولقد كان رحمه الله ملازما لبقية الإخوان الكرام وكانت الجلسة الرسمية ليلة السبت من كل أسبوع في بيته المبارك المجاور لمصلى العباس من ناحية الجنوب وبينهما طريق ضيق مغلق، حيث يجتمع الإخوان الأعزاء عنده وهم ١-الأخ أستاذ عبد الله قاسم آل إبراهيم ٢-والأخ الحاج محمد عبد الله طه ٣-والأخ أستاذ أحمد منصور ربعان ٤-والأخ الحاج عبد الغني منصور صليل ٥- وابن العم الحاج حسين علي صليل ٦-وابن العم الحاج جاسم علي صليل ٧- والأخ الأديب والشاعر الحاج باقر بن عبد المحسن النصر ٨-والأخ الأديب والشاعر المرحوم الحاج علي حمود خليفة ٩-والأخ أستاذ مهدي معتوق اليوسف ١٠-الأخ الحاج أحمد منصور صليل ١١–وابناي منصور وعبد الفتاح كما أنه يزورنا في بعض ليالي القراءة الحسينية في بيتنا بالديرة (ليلة الثلاثاء ).

ولقد وُفق والده المرحوم الحاج ( عبد الله المرشود ) في بناء حسينية وأحياها طيلة حياته بالقراءات وإحياء مناسبات المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ثم تولى عمارتها ورعايتها ابنه المرحوم ملا أحمد طيلة حياته وقد خلَّف ولدين مؤمنين وهما الأخوان العزيزان الحاج حسين والحاج عبد الفتاح وقد سارا على نهج والدهما في التمسك بالآل الكرام وفي رعاية الحسينية المباركة وإحياء مناسبات المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين أسأل الله أن يوفقهما ويسعدهما ويرزقهما ذرية صالحة وهكذا واصل المرحوم ملا أحمد مشواره المبارك في خدمة المنبر الحسيني حتى عجز عن القراءة بسبب مرضه وانتقل بعد ذلك إلى رحمة الله ورضوانه ، فحشره الله مع الحسين وآل الحسين صلوات الله عليهم أجمعين ورحم الله من يقرأ له ولوالديه ولزوجته ولوالديها الفاتحة.